حسان دياب، ما بين الدستور و العبثية السياسية


Lebanon Law Review | PM Hassan Diab

حسان دياب، ما بين الدستور و العبثية السياسية

مقدمة

في التكليف و التأليف

أ- عملية تكليف الرئيس الجديد

ب- في تأليف حكومة الانقاذ

جلسة الثقة –


مقدمة

في ليلة تشرينية، لجأ الشعب اللبناني الى الشارع، و وقف بوجه السلطة الحاكمة، فولدت في حينها ما يعرف اليوم بثورة 17 تشرين. هذا الحدث الاستثنائي أطاح بحكومة سعد الحريري التي لم تجتاز شهرها التاسع، و بدأت عملية البحث عن رئيس جديد يلبي تطلعات المتظاهرين

في 19 كانون الاول تم تكليف حسان دياب، أكاديمي و وزير سابق، و لكن تم رفضه من قبل الثوار لأنه و برأيهم مدعوم من الاحزاب السياسية التي ثار اللبنانيون ضد فسادها. ذلك لم يمنع الرئيس المكلف من تشكيل حكومته التي ايضاً لم يقبل بها الشارع الثائر و كان ذلك واضحاً عبر الاحتجاجات التي حصلت في نهار جلسة اعطاء الثقة في 11 شباط

 و لكن ما موقف القانون من كل هذه العملية، من التكليف الى التأليف؟

في التكليف و التأليف

أ- عملية تكليف الرئيس الجديد

في التاسع عشر من كانون الأول تم تكليف حسان دياب لتشكيل الحكومة. عملية التكليف مرت بمختلف المراحل الدستورية المعتادة، ولكن هنالك نقطة معينة كانت موضوع نقاش و جدل، ألا وهي خرق لما يعرف بالميثاقية: فقد اعتبر البعض ان هذا التكليف “غير دستوري” بما أنه مخالف لها

الميثاقية هي اتفاق شفهي بين اللبنانيين، بدأ مع حصول لبنان على استقلاله في العام 1943 وهو ينص على توزيع عادل للمراكز والمناصب بين المسلمين والمسيحيين

و تجلت هذه الميثاقية عبر ورودها في مقدمة الدستور-الفقرة (ي)-  و التي ورد فيها ما يلي

لا شرعية لأي سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك

اعتبر البعض ان تكليف دياب خالف الميثاقية و بالتالي الدستور ذلك بسبب حصوله على أصوات نواب تابعين لطوائف معينة دون سواها. الا ان التوافق الميثاقي هو بين المسيحيين والمسلمين وليس بين مذاهب هاتين الديانتين. اضافةً الى ذلك، يجب لفت النظر الى ان الكتل النيابية القائمة حالياً و التي شاركت في تسمية دياب تضم نواباً من كل المذاهب، وان كان بعضها يضم اكثرية نيابية من مذهب معين. كذلك، فإنه لا وجود لنص دستوري خاص يرعى الميثاقية في مسألة التكليف

  و بالعودة الى ما سبق و ذكر أعلاه، يمكننا اعتبار تكليف حسان دياب دستوري على رغم الخلافات التي دارت حوله

Lebanon Law Review | PM Hassan Diab 1

        ب- في تأليف حكومة الانقاذ

في البداية يجب أن نتطرّق الى مهلة التأليف: في الواقع، لم يحدد الدستور مهلة معينة على الرئيس المكلَّف التقيد بها لتأليف الحكومة، الا أن هذه الحرية الزمنية في تشكيل الحكومة ليست بلا ضابط، باعتبار أن الحرية يقتضي أن تكون دوماً مسؤولة، فلا بَّد من أن تتم عملية تأليف الحكومة ضمن مهلة زمنية معقولة Délai raisonnable  وهي التي يُعقَل خلالها تنفيذ الالتزام القانوني أو المُهِمَّة الدستورية بحسب منطق الأمور. و بالفعل، استغرق تشكيل الحكومة الحالية فترة زمنية قصيرة مقارنة بالحكومات السابقة

ان تأليف الحكومة الحالي واجه بعض العقبات المتعلقة بالمحاصصات السياسية و الطائفية التي اعتدنا أن نشهدها في تلك العمليات

هذه المرحلة تجري بناءً على اتفاق بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلَّف دون أن يكون فيها للنواب أي دور أساسي سوى ابداء الاستشارة والنصيحة للرئيس المكلَّف بعد تواصله مع الكتل النيابية المختلفة لاطلِّاعهِ على آرائها والاستماع الى مطالبها لكي يتمكن من التوفيق بين مطالب هذه الكتل في بيان حكومته الوزاري؛ و لكن تشكيل حكومة دياب تخلله تدخل مباشر من قبل بعض وزراء و نواب الكتل النيابية الأساسية و ذلك لكسب حقائب وزارية اضافية بحجة احقاق المصلحة الوطنية و فك العقد

و المرحلة الأخيرة هي مرحلة منح الثقة للحكومة المُؤلَّفة والتي تجري بناءً على جلسة مخصصة في مجلس النواب تكون فيها لهُ الكلمة الفصل في إعطاء الثقة للحكومة أو حجبها عنها، وبالتالي تقرير مصيرها بعد مناقشة بيانها الوزاري

و لكن جلسة الثقة خلقت بلبلة لدى الرأي العام اللبناني. لماذا؟

جلسة الثقة

حصلت الحكومة اللبنانية الجديدة برئاسة حسان دياب مساء يوم الثلاثاء الواقع في 11 شباط على الثقة في مجلس النواب

شهد افتتاح الجلسة جدلاً حول تأمين النصاب وتأخر انعقادها لعدم اكتماله بسبب الاحتجاجات والتظاهرات خارج البرلمان. وقد تغيّب العديد من النواب (البالغ عددهم 128) عن الجلسة حيث حضرها فقط  67 نائبا كما اكد ذلك رئيس مجلس النواب نبيه بري

و قد غرد رئيس حزب الكتائب، النائب سامي الجميل رأيه الشخصي عن قانونية هذه الجلسة حيث قال أن الجلسة بدأت من دون نصاب قانوني، مشدداً على أن هذا الأمر غير دستوري. و لكن ان كتلة “الحزب الاشتراكي”، الذي يتزعمه وليد جنبلاط، أوعزت لنوابها بالحضور، مما أمّن الحصول على النصاب لاحقاً، أي بعد افتتاح الجلسة. فما رأي القانون في ذلك؟

كما نعرف، لا يكتمل نصاب الجلسة الا بوجود 65 نائب. عند ابتداء الجلسة كان النصاب غير مكتمل فاعتبر البعض ان الجلسة غير دستورية و اذ يمكن الطعن بها أمام المجلس الدستوري

و لكن، بما يتعلّق في اختصاص المجلس الدستوري و بحسب المادة 19 من الدستور اللبناني التي تنص على

ینشأ مجلس دستوري لمراقبة دستوریة القوانین والبت في النزاعات والطعون الناشئة عن الانتخابات الرئاسیة والنیابیة. یعود حق مراجعة المجلس في ما یتعلق بمراقبة دستوریة القوانین إلى كل من رئیس الجمهوریة ورئیس مجلس النواب ورئیس مجلس الوزراء أو إلى عشرة أعضاء من مجلس النواب، والى رؤساء الطوائف المعترف بها قانوناً في ما یتعلق حصراً بالأحوال الشخصیة،وحریة المعتقد وممارسة الشعائر الدینیة، وحریة التعلیم الدیني

نستنبط من هذه المادة ان المجلس الدستوري له صلاحية في النظر فقط بقرارات المجلس و القوانين و ليس هناك نصا متاح يصرح بوضوح عن صلاحية المجلس الدستوري بما يخص دستورية الجلسة

اما بالنسبة الى مدى قانونية جلسة الثقة، فالجواب ليس واحدا. تخابط المعلومات عن عدد النواب الحاضرين عند ابتداء الجلسة يصعب مهمة الحكم عليها و هنا تظهر ملامح العبثية السياسية. اذا اخذنا بكلام رئيس مجلس النواب نبيه بري، تكون الجلسة مكتملة النصاب مع 67 نائب أي دستورية، اما اذا اخذنا الأمر من وجهة نظر النائب سامي الجميل و مع زلة لسان جنبلاط، تأمن النصاب لاحقاً بعد حضور نواب الاشتراكي، أي بعد افتتاح الجلسة، فتكون الجلسة بذلك غير دستورية

ماذا عن دستورية القوانين التي تمّ التصويت عليها؟

عند اكتمال التصويت على القوانين كان النصاب مؤمن، فيعتبر عندئذٍ التصويت قانوني بغض النظر عن قانونية الجلسة خصوصاً انه لم  يتم الاعتراض عليها من قبل أحد النواب


Zeinab Halabi
Zeinab Halabi

USJ

Manager at The Lawyard, an independent news outlet.

Interested in geopolitics and Franco-Lebanese public law.


Lyne Mneimneh
Lyne Mneimneh

Lebanese University – DSP1

Manager at The Lawyard, an independent news outlet.

A love for politics, global economics, and human rights.

Leave a Comment